mardi 1 mars 2016

محمد الدغباجي


صورة معبرة عن محمد الدغباجي

محمد الدغباجي أو محمد بن صالح الزغباني الخريجي و كنيته الدغباجي (1885-1924) مناضل تونسي، آمن بالنضال المشترك في الدول الإسلامية. تزعم العديد من التنظيمات الجهادية التي قاومت الاستعمار الفرنسي والإيطالي. مثل بين 1918 و1924 أسطورة حية في البلاد التونسية بعد عمليات عسكرية ناجحة ضد المستعمرين، وفي مايو 1922 قبض عليه في ليبيا من طرف الجيش الإيطالي وسلم إلى القوات المحتلة الفرنسية وحكم عليه بالاعدام في 27 أفريل 1921. وتم تنفيذ الحكم في 1 مارس 1924 في الحامة أمام أعين أهله.
تمثال محمد الدغباجي بالساحة التي تحمل اسمه بالحامة

مولده ونشأته


ولد الثائر التونسي الشهير وبطل الجنوب محمد الدغباجي عام 1885. كان قد مر وقتها سنوات قليلة فقط على دخول الاستعمار المباشر البلاد التونسية. ولد في مدينة الحامة منولاية قابس، واستقر ذكره بالوجدان الشعبي فغناه، وخلد وقائع كفاحه، ثم لما مات بكاه ورثاه.

كان الدغباجي منذ الصغر يستشعر حقدا خاصا ضدّ الدخيل الجاثم على بلاده، شأنه شأن الكثيرين من أبناء الجنوب، وسائر أبناء تونس، الذين أبو دوما أن يرضخوا للحكم المركزي المجسّم في المظالم، فرفضوا التجنيد في الجيش المستعمر، وثاروا وتمردوا. لم يكن الدغباجي مخططا سياسيا ولا منظرا أو مستهديا بنظرية ثورية، يحسب للمعارك كل حسابها. كان ثائرا ومثالا للفدائي الذائد عن العزّة والكرامة.
نسبه

هو محمد بن صالح الزغباني الخريجي من بني يزيد، أما الدغباجي فهي كنية خاصة به لا بأسرته.

إنضمامه للجهاد في ليبيا

لمّا بلغ الثانية والعشرين من عمره أجبرته الحاجة والحرمان على قبول التجنيد، وذلك سنة 1907 حتى 1913. في تلك الفترة كانت تصل الجنوب أنباء إنتصارات الأشقاء الليبيين على الطليان، فتثير الحمية، وتبعث النخوة، وتؤجج مشاعر التعلق بالكرامة. وبلغت أخبار المواقف البطولية لقادة المقاومة الطرابلسية مسامع الدغباجي، وخاصة منهم خليفة بن عسكر النالوتي. فتحركت فيه مشاعر الرجولة، وبدأ يفكر في الفرار من الجندية، في الوقت الذي كانت فيه فرنسا مشغولة بالحرب العالمية الأولى.

لم يتردد الدغباجي طويلا، إذ فر من المعسكر الفرنسي بذهيبة في تطاوين، والتحق بصفوف المقاومة مع خمسة من رفاقه. شارك في بداية نشاطه في مهاجمة الحصون الفرنسية بالحدود كجندي بسيط، لكنه اشتهر بإقدامه، وبحسن رمايته، فنال حظوة خاصة عند قائده النالوتي. بيد أن بطولاته لم تتأكد إلى بداية من سنة 1918.
الجهاد ضد المستعمر الفرنسي
تمثال محمد الدغباجي بمسقط رأسه الحامةبالجنوب التونسي

صمّم الشاب الدغباجي على كيل الصاع صاعين للمستعمر الفرنسي، فكوّن مجموعة فدائية عادت خلسة عبر التراب الليبي. وتناه إلى مسامع الفرنسيين أخبار الدغباجي، فعزموا على مطاردته، والمطالبة برأسه، خاصة بعد حادثة "الزلوزة" في غرّة جانفي 1920، التي قتل فيها عدد من أعضاء الديوانة الفرنسيين.

وقد أشبع المستعمرون بني زيد وأهالي الدغباجي ألوانا من التنكيل الإنتقامي، حيث عمدوا إلى ردم الآبار والمواجل لقطع الماء عن المقاومين، ونقلوا الأهالي مع حيواناتهم إلى الحامة. فوضعوا الرجال في السجون، والنساء في محتشد خاص. وأجبر السكان على حمل السلاح لمطاردة المقاومين، بقيادة العميل المسمى "عماربن عبد الله بن سعيد"، الذي وعدته السلطات الإستعمارية بمنصب خليفة الحامة.

وقد حاول هذ العميل إستدراج الدغباجي، ولكنه تفطن للمكيدة فبعث له رسالة بتاريخ في 16 فيفري 1920, يقول فيها "أنتم تطلبون منا الرجوع إلى ديارنا لكن ألسنا في دريارنا؟ إنه لم يطردنا منها أحد، فحركتنا تمتد من فاس إلى مصراتة، وليس هناك أحد يستطيع إيقافنا.. ونقسم على أننا لو لم نكن ننتظر ساعة الخلاص لأحرقنا كل شيء، والسلام من كل جنود الجهاد".

وتثبت هذه الرسالة الأبعاد، التي كانت تعبئ الدغباجي وأمثاله بروح المقاومة، وهي الأبعاد الوحدوية والجهادية الرافضة للإستغلال والظلم، وتعبر عن روح التحدي لقوة الإستعمار وبطشه. وقد نجح الدغباجي فعلا في إشعال معارك عديدة في الجنوب التونسي أهمها معركة "خنقة عيشة"، و"المحفورة"، وواقعة "المغذية" من ولاية صفاقس، والتي واجه فيها وهو في قلة من رفاقه قوات المستعمر تعد حوالي 300 نفرا، ونجا خلالها بمساعدة بني عمّه، مما جعل السلطة الإستعمارية تسلّط ضدّهم عقابا شديدا. وكذلك واقعة "الجلبانية"، التي كاد يسقط أثناءها ثانية بين أيدي القوات الإستعمارية وهو جريح.

محاكمة الدغباجي

تمت محاكمة الدغباجي غيابيا يوم 27 أفريل 1921 والقضاء بإعدامه مع جمع من رفاقه، الذين التحقوا بالتراب الليبي، ولكن المستعمر الإيطالي لم يتأخروا في القبض عليهم وتسليمهم للسلطات الفرنسية.
إعدامه

وفي غرّة مارس 1924 اقتيد البطل إلى ساحة سوق البلدة حيث أعدم. ويروى أنه رفض العصابة، التي تقدم بها نحوه ضابط فرنسي ليضعها على عينيه، رفضها ساخرا من الموت. ويروى أن زوجة أبيه زغردت لهذا المشهد، وهتفت عاليا، مباركة شجاعته والشرف الذي نالها منه، وأنه أجابها وهو يبتسم "لا تخشي علي يا أمي فإني لا أخاف رصاص الأعداء، ولا أجزع من الموت في سبيل عزّة وطني..الله أكبر ولله الحمد.."

وهكذا بقيت قصّة الدغباجي شفوية تتردد على الألسن:

جو خمسة يقصوا في الجرة وملك الموت يراجي
و لحقوا مولى العركة المرة المشهور الدغباجي

فزعوا خمسة بربايعهم تايجيبوا الفلاَّقَة
مخزن مطماطة ينجِّيهم لثرنهم بنداقة
الكيلاني يتحلَّف فيهم بحلالة و طلاقه
الدَّالة الفلاَّقة نمحيهم في واسع رقراقة
ضربوا الخمسة وحبوا إيديهم زفُّوا زفْ تلاقى
كذب الوسعة يقصر بيهم زي هدير الناقة
تاو ان يتلاقوا يقضيهم بوسربة شلهاقة
زي الذيب يمزِّل فيهم ويلالي ويهاجي
كان التل يخبَّر بيهم وجواب البسطاجي.


فزعوا حمسة فوق حصُنَّة من مخزن مطماطة
وقالوا هاهي الجرة منا وجَوا في اوّل شوَّاطة
الدَّغباجي قاعد يستنّى طاح لهم وتواطى
فيده ستوتي يلدغ سِمَّه دار فيهم شاماطة
صُبْعَه والقرَّاص يلمَّه يعجل ما يتناطى
واللي ينُوشَه يا ويل أمَّه فاح قتار اشياطه
يجي مرمي مصبوغ بدمَّه سِمْ منحَّس لاطه
مسَرْجِي بيت النار بضمَّه وشُغْل الحربي ساجي
ومولاها كبير آصل وهمة وعنده الكيف مقاجي

نهار الخمسة لحقوا خمسة و للهم حامي ربِّي
صباح إلْ ما زرقتشي شمسه اللي يقتُل ما يدِّي
يا لاحق مكناتك همشة ظنِّي فيك مغدِّي
اللي يصبح منكُمْ ما يمْسَى الدغباجي متنبي
سرجاها بستوتي نَمْشَه لقداهم متفاجي
معاها يتكلم بالرَّمْشَة ويحكم بالكِفاجي

جو خمسة يقصُّوا في الجرة و ملك الموت معاهم
راميهم شيطان بشرَّه على تبزيع دماهم
قِرْحوا يحسابوها غِرَّه يتبشروا بملقاهم
وقت ان شبح العين تعرَّى تَكـُّوا الخيل قداهم
والدغباجي فيده حُرَّة يسربيلهم في عشاهم
سرجاها وخرجت عل برَّة في المِلهاد اخذاهم
دوَّفْهم كيسان المُرة موش من القهواجي
الخمسة درجحهُمْ في مرة لا من روَّح ناجي.
جو خمسة يقصوا في الجرة وملك الموت يراجي
و لحقوا مولى العركة المرة المشهور الدغباجي


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire